ليس إلاَّ " فتوة "، لم يعقه هزاله ولم يمنعْه امتلاء ملامحه بالكرمشات فالفتونة لا باستقامة العود ولا انتظام الأنفاس ، هذه حقيقة : " عنتيل " حارتنا ، مازال متشبثًا بزمام الحارة فى ثمانينياتِه .. لا يجرؤ واحدٌ على عصيانِه ، أظن - ولستُ وحدى - أن واحدًا من كلاب الفتوة لم يستطِع تطويع عقول خلق الله إلى حد يطرح "اغتيال" شيخ الحارة من رؤوسِهم ، لا أنسى ، ولا نفر ينسى يوم قتِل بتحريضٍ خبيثٍ من فتوتنا - بارك الله خطاه - لجماعة ما كانت تعرف أن غدرَ الفتوة سوف يثنيها كما مزَّق صدر شيخ الحارة ، رحمة الله عليه .. اعتَقَد أن أولادَه من حوله ، وطلَّ على الدنيا كلها بلا ساتر ولا حارس ، كارثة !
إن صيتَه قد ذاع .. اسمه ارتفع ، أثناء حكم شيخ الحارة فقد كان ذراعه الأيمن ، ذراعٌ طويلٌ ، تشعر مع قطعه أن ليس بأصابعه إلا أن يتنفسَ هواءًا نظيفًا ، وفى سواد الليل .. يزفر سمًا ، فإمساكه بعجلة قيادة الحارة لم يكن دربًا من مستحيلٍ ، كلنا يدرى .. كلنا هذا الرجل ، الذى يطأطئ رأسه ويصدِّر قفاه لكل عابرٍ ، والفتوة أيضًا طأطأ رأسَه بأستاذية ، حتى تسلمَها ، طفق يديرها يمينًا يسارًا .. قال مرة " أنا كذا ابن كذا " ، يعنى أنه لا يمت لسابقيه بصلة فهو مستقلٌ ، اعتقدنا أنه لن " يفتحَ " باب الحارة للداخل والطالع، ولن يقول : نشكر من قالوا " لا "، وثانى يوم نفاجأ بهم فى حجرة الفيران، واعتقدنا أيضًا أنه لن " يربطنا " بإخواننا من الحارات المجاورة ، لكنه لم يربطْنا ، ولم يجعلنا كبارًا مثلا بل جعلنا .. مداسًا يسعُ الجميع !
* * *
حتى صدأ لمعانه .
وتبدلت السلامات بطعناتٍ ، خلَّفها شعورٌ سلبىٌ بلغ ذروتَه ، سيدى .. لو مشيتُ خطوتان بحارتنا أن تجدَ على الناصية يافطة تقول " عندك شهوة استعباد ، عندك حب سطوة .. بلطجي، ممكن توصل لدار الفتوة "، الله أعلم إن كانت موجودة الآن أو قذفها تحت الأرض ، أو " ورا " الشمس !
أيام كالطين !
كان طبيعيًا أن تكونَ شيئًا من الكوميديا السوداء منذ أسبق الفتوة اسمه بهذا اللقب ، ومعه سبق اسم الحارة كل الجهل الذى ترتع فيه ، فذلك السواد أشبه بالأيام التى عاشتها مصر تحت كف " الملكية " ؛ دولة تعبث بها أياد الملك، وتعبث بها أيادٍ خارجية تحت جلبابِه ، إلى أن صارت الحارة ملهى يتوق له أهل العبث !
هنا قف بالحارة .. اسمع من الناس ، أى منهم :
- مسنود؛ الكلاب المتعاقبة على إمامة الجامع لا تكف في كل صلاة وخطبة عن أمرِنا بطاعة أولي الأمر منَّا، إنهم بلا شك نسوا " الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر " من فرطِ ما تناسوه .. كما تناسوا فُجرَ الفتوة وأعوانَه ، ما بقى إلا أن يصلوا للفتوة من غيرِ الله ، معاذ لله .
- الوغد .. قسَّم الحارة إلى جماعتين ، جماعة تنهب وتسطو باللباس الملكي ، وجماعة لا يجد عاقل تجاه حالها إلا الرثاء !
واسمع صوتاً آخر ينطلق في سرِه :
- حاول الفتوة ، ونجح .. أن تكون يداه سبيل أهل الحارة إلى كل هذه الرجعية، وضعهم على قارعة دربٍ من تيه يستحيل على واحدٍ السطوع فيه .
تراه يتنهد، وأنفاسه تتلاحق ثم يقول :
- أهل الحارة يستحقون ذلك الفتوة، فمن يحكمهم إلا واحد " نطع " مثلهم، أهل الحارة لم يثنْهم فتوة ولا كلاب بل أثناهم غباؤهم !
آه، ملعون أبو الفتوة !
ولكن هل يجرؤ واحدٌ على أن يقولَ ذلك في وجهِه ، أو حتى في قفاه ؟!
مستحيل ، وملعونون أهل الحارة أيضًا .. فى كل صلاةٍ ، إنهم عشقوا ترديدَ " اسم الله عليه .. اسم الله عليه " !
فالألسنة إن تركتْ لن تأوى إلاَّ إلى أمرِه ، وأمر من حوله ، سيحدث .. الفتوة على يقينٍ من ذلك ، ونحن أيضًا ، أبصم بالعشرة من زمانٍ أنه بارعٌ فى دلع نيران تلهيها ، ورجاله أساتذة فى النفخ ، وأساتذة فى العواءِ على كل واحدٍ يبدو كعاشور الناجى ، ضد التيار ، ضد الفتوة ؛ يفكر فى حشد الخلق لثورةٍ كثورة " أكتوبر " الروسية ، ويعزم على تمزيق الكلاب فى " خناقة " تهتز لها الأرض والسماء ، حيث مقاومة حتى الخلاص .
يجئ في ذيل نصر أو على ذراع هلاك .
المهم أنه خلاص !
مهدى مبارك
عبر عن آدميتِك، وناقشنى .. من هنا
2 Response to "اغتيال !"
تحياتى على اسلو بك الجميل
والمضمون الاجمل
مهما اتفتون ومهما اتجبر ومهما تعالى
فهناك دئما من هو اقوى ومن اكثر جباروت ومن هو اعلى
ومن نسى لقائه فغدا لناظره لقريب
تحياتى
أنت أول حد يعلق فى مدونتى الجديدة على فكرةٍ
وأشكرك على الكلام الجميل ده
أكيد .. وراء كل جبارٍ من "يظرفه" على قفاه !
وفوقهم كلهم "الله" الذى لن يفلت من لقاءه أحدٌ
تحياتى، ودامت المودة
Post a Comment